الصراع على أبين| كتب جمال لقم

Image

قبل حرب أغسطس 2019م كنت قد كتبت مقالة بعنوان ( أبين بوابة الوحدة و مفتاح الإنفصال ) و أوضحت فيها آنذاك أن أبين هي من ستقرر المصير وحدة أو إنفصالاً ، و على طرفي الصراع السعي جاهدين لكسب ود الأبينيين و إستقطاب قادتها و رموزها و بالتالي و مواطنيها و على الطرفين أن يتقينا أن تحقيق أهدافهما لن تكون الغلبة فيه الا بأبين و هي من سترجح كفة الميزان في نهاية المطاف ..

بعد ذلك كتب مقالة أخرى بعنوان (أبين بين التهميش و التجييش) و أردت من ذلك أن أوضح أن كسب ولاء أبين لن يكون بإخضاعها عسكرياً أو بعسكرتها عدة و عتاد و إنما بالقبول بشراكتها لا بإقصائها من المشهد أو تهميشها سياسياً أو عسكرياً أو تنموياً ، فالتاريخ نفسه يقدر مكانتها و علو كعبها في السلطة و القيادة و إدارة الدولة ، و لا يمكن لأحد أن يأتي محاولاً طمس ذلك التاريخ و محو صفحاته ببساطة ..

كان الرئيس صالح يدرك مكانة و ثقل أبين السياسي و العسكري و الشعبي و حين لم يستطع كسب الرئيس هادي فقد أتجه إلى بعض من قيادات أبين ، إلا أن وجود الرئيس هادي حال دون ذلك و فشل صالح في محاولاته ، و لجأ بعد أن فشل في محاولات كسب أبين إلى محاولة تحييدها عن طريق العبث بمدنها و إشغال مواطنيها بتنظيم القاعدة الذي سيطر على معظم مناطقها ، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً كما يريد صالح و تحررت من سيطرة التنظيم ..

و لم يجد بعد ذلك إلا التحالف مع الحوثيين للتخلص من الرئيس هادي و الذي أعقبه إجتياح مشترك لأبين و الجنوب ..

كانت من نتائج حرب أغسطس 2019م هو التخلص من بعض القيادات الأبينية و التي أعقبتها التخلص من الرئيس هادي ذاته ، و على الرغم من بعض المزايا التي حصل عليها المجلس الإنتقالي الجنوبي في إلشراكة مع الحكومة الشرعية في إتفاق الرياض و مشاورات الرياض الا انه لم يحاول مد جسور من الثقة مع أبين و كانت أبين خارجة عن إطار إستحقاقته و شراكته ، و بدء و كأنه جل ما هدف إليه هو تحييد أبين عن القرار ، بل و كانت هناك المزيد من الخطوات لإقصائها و لم يكن في بال قيادته السياسية أنه بالرغم من كل ذلك إلا أن أبين ستكون هي الحاضرة و الفيصل في كل ما يتعلق بمصير الوطن جنوبه و شماله ..

مع قرب إتفاق السلام النهائي و إستحقاقاته المصيرية عاد الصراع مجدداً لكسب ود أبين و حضورها المهم في ذلك ، و لم يعد ذلك مقتصراً فقط على بعض الأطراف القوى المحلية المعروفة ، بل و أطراف كانت في السابق بعيدة عن هذا كالسعودية و عمان و الحوثيين و لعل وفد قبائل أبين التي نجحت في الإفراج عن اللواء فيصل رجب كانت بمثابة الصفعة التي أفاقت قيادات المجلس الإنتقالي الجنوبي من سباتهم ليدركوا الخطأ الذي مورس منهجياً في سياستهم تجاه إقصاء و تهميش أبين و محاولة تحييدها ..

قبل أيام و في بيان مشترك قدمت قيادات أبينية عبر مكوناتها السياسية مثل محمد علي احمد و احمد الميسري و الشيخ احمد العيسي و الدكتور عبدالكريم السعدي و بالشراكة مع مكونات أخرى ، طالبت في البيان بحامل جنوبي واحد مشترك لخوض مشاورات السلام ، و هذا يعد طلباً للتشاور و الحوار الجنوبي الجنوبي الذي سيهدف إلى رص الصف و يعزز من قوة وفد الجنوب و يعزز حضور قضيته على الطاولة ، إلا أن هذا الطلب قد تم تجاهله ، بل و قدم المجلس الإنتقالي أسماء وفده مشاركة مع وفد الشرعية و قد اعتبر ذلك بمثابة تجاهلاً عاماً لأبين و رموزها السياسية ..

في الأيام القليلة الماضية كتب القيادي في المجلس الإنتقالي الجنوبي مذكراً بخطأ قيادات الجنوب في الحزب الإشتراكي في قرارهم المتسرع و الإناني الذي به سلموا دولة و شعب من خلال إتفاق الوحدة الإندماجية في مايو 1990م ، كما ذكر بنصائح الزعيم جورباتشوف بشأن ضرورة إجراء حوار مع الأفرقاء في أحداث يناير 1986م (أبين و شبوه و الرئيس ناصر ) و الذي أعتبره تعزيزاً لبقائهم و تواجدهم في ظل التغييرات السياسية العالمية آنذاك ، و بن فريد أراد بذلك تقديم النصح إلى قيادات المجلس الإنتقالي بضرورة العمل حالياً بنصيحة جورباتشوف السابقة و ضرورة الحوار مع أبين و قياداتها قبل أن يتكرر خطأ مايو 1990م ..

بعد أن أقر الرئيس رشاد العليمي أسماء ممثلي الشرعية و المجلس الإنتقالية الجنوبي في مفاوضات السلام النهائية يبدو واضحاً أن المجلس الإنتقالي الجنوبي يسير على درب قيادة الحزب الإشتراكي في العام 1990م غياً و تكبراً ، و بعد أيام من الآن سينظم المجلس مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي و ستكون المصيبة أكبر إن لم تكن أبين حاضرة فيه ..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي